تعليم عصر الزراعة مختلف عن تعليم عصر الصناعة، وهذا وذاك ليست لهما صلة أو شبه بتعليم عصر المعلومات، هذه صرخة من الصحفى الكبير المهتم بالمستقبليات «راجى عنايت» يوجهها إلى مصر التى تحتاج إلى ثورة أكبر من الثورة على «مبارك»، تتجاوزه وتبنى الإنسان المصرى الجديد القادر على مواكبة عصر المعلومات، لنستمع إلى راجى عنايت وماذا يقول.

تعليم عصر المعلومات تعليم يساعد على التفرّد، ويناهض القولبة ومحاولة جعل الأفراد آحاداً متراصة متشابهة، تعليم خالق للمعرفة، يحض على التفكير والابتكار، ويحارب التبعية النمطية والتلقين، تعليم يستفيد من دخول الأجيال إلى كل منابع المعلومات بلا قيود أو وصاية، تعليم لا يضع قيداً على العقيدة، ويحترم التنوّع الشديد الذى استحدثه تدفّق المعلومات والمعارف فى عقائد البشر وتوجّهاتهم، ويحضّ الفرد على الإيمان بأن اختلافه عن الآخرين هو مصدر ثراء له وللآخرين.

لم يبق للإنسان بعد دخول الكمبيوتر سوى العمل العقلى الابتكارى لهذا اقتضى الأمر الاعتماد على نظم تعليمية جديدة هى:

(1) من التلقين إلى التفكير والابتكار:

البحث عن بدائل الحلول، واختيار الحل الأوفق للظروف، ثم تطبيقه ومتابعة أدائه، هذا هو التحوّل الأساسى فى النظام التعليمى المناسب لعصر المعلومات. من تعليم يقف عند حد تلقين المعلومات المحدودة إلى تعليم يشجّع على التفكير، ويحض على الابتكار والإبداع. نحن ننتقل من تعليم عصر الصناعة الذى كان يعمد إلى تلقين التلاميذ، وحشو رؤوسهم بشتات المعلومات، وبعض التقنيات، إلى تعليم يستهدف خلق المعارف والتدريب المتواصل.

(2) بيئة تعليمية مفتوحة:

ستتحوّل البيئة التعليمية المغلقة الحالية إلى بيئة تعليمية مفتوحة، تعتمد على شبكات المعرفة الإلكترونية، التى تعطى أهمية أكبر للقدرات الشخصية، لينتهى احتكار المدرسة للعملية التعليمية، وتفتح الباب أمام ممارسة التعليم فى البيوت، وفى المؤسسات الاقتصادية التى ستتكفّل بجانب منه.

(3) من التعليم النمطى إلى الشخصى:

النظام التقليدى النمطى الجماهيرى، النابع من عقلية واحتياجات عصر الصناعة، يحل محلّه نظام جديد يقوم على أساس اعتبار قدرة الفرد واختياراته، وهذا يعنى أنّه فى مكان نظام التعليم الحالى، الذى يجرى تقسيمه على أساس الأعمار، يقوم نظام جديد يسمح لقدرات الأفراد بالتقدّم إلى مستويات متقدّمة، بصرف النظر عن العمر.

(4) التعليم على مدى الحياة:

التعـليم العام لعصر الصناعة يقوم على تعليم إجبارى، بالإضافة إلى فرص قليلة للتعليم الأعلى والحرفى، وكان التعليم ينتهى عادة بالحصول على شهادة إتمام الدراسة، التى تؤهّل لدخول الوظائف ومجالات العمل، ومع تسارع المعلومات والمعارف، وتغيّر النظريات، وهبوط علوم وصعود علوم جديدة، تنشأ ضرورة اعتماد الدارس، أياً كان عمره، على التكنولوجيات الإلكترونية الحديثة، لمتابعة ما يحدث بشكل عام، وفى فرع تخصّصه بشكل خاص، وهذا يجعل تعليم عصر المعلومات عملية ممتدة على مدى حياة الفرد.

(5) التعليم الذاتى:

يساعد على التعليم الدائم المتواصل مبدأ التعليم الذاتى الذى يأخذ به عصر المعلومات، وهو ما يوفّره الكمبيوتر، وغير ذلك من التكنولوجيات الإلكترونية، لقد أصبح بإمكان الفرد أن يعلّم نفسه، على مدى مراحل عمره، اعتماداً على البرامج التعليمية الخاصّة بالكمبيوتر، الذى يقوم باختبار الدارس عند مراحل معينة، للتثبّت من استيعابه، تمهيدا لإعادة الدرس، أو الانتقال إلى الدرس التالى.